بيروت - 09/03/2012
مـنـصـور بـو داغـر
تعالوا نتصوّر معًا هذا السيناريو: مواطن عادي لا يمت إلى عالم القانون بصلة، فلا هو محام ولا قاض ولا مشرّع ولا حتى "مناد" على باب المحكمة.. يتوقف أمام "كشك" لبيع الصحف والدوريّات وهو في طريقه إلى منزله ويبتاع مجلّة قضائيّة متخصّصة...! ما الذي يا ترى سوف يدفعه الى شرائها بإنتظار رحلة مع فهرسها؟ يبقى هذا هو التحدي الذي أطلقه على نفسه مدير "مركز الأبحاث القانونيّة" والشريك المؤسّس في "صادر ومشاركوه للمحاماة" راني جوزف صادر بعد مرور تسعين سنة على صدور العدد الأوّل من "المجلّة القضائيّة" عينها.
عام ١٩٢١ صدرت أوّل مجلّة حقوقيّة متخصّصة في لبنان والعالم العربي، هي "المجلّة القضائيّة": ابتدعها يوسف ابراهيم صادر مؤسّس "المطبعة العلميّة" والذي تابع نشرها الراحل أديب يوسف صادر ومن بعده النقيب جوزف أديب صادر إلى أن احتجبت قسرًا جرّاء الأحداث اللبنانيّة."
فبمعيّته، تعود اليوم لتنطلق هذه المجلة بحلّة جديدة تحت إدارة مديرة تحريرها الاعلاميّة إلسي مفرّج.. وجديدها أوضحه صادر بنفسه الذي أكّد أنّ الهدف الأساس كان محاولة الجمع بين القانون والتسلية وهو ما يعتبره معظم الناس المستحيل بعينه". وأضاف: "لكننا وضعنا هذا الهدف نصب أعيننا وبعد تحضير استمر زهاء ثلاث سنوات تمكّنا عبر الانطلاق من المجلّة الأساسيّة، التي كانت رؤيويّة في وقتها نظرًا لتضمّنها مواضيع اجتماعيّة وحتى شخصيّة، من جمع الوجه العلميّ والفقهيّ للقانون بوجهه المرح والفكاهي".
وفي الحقيقة نجح صادر بنقل هذه المجلّة من جمود القانون إلى الترفيه والسلاسة فبثّ فيها الحياة، حيث نجد فيها اللون والصورة والكاريكاتور والاجتماعي والشخصي والحشري والثقافي القانوني والطريف... من مثل ذلك الخبر عن "معاقبة كوريّين شماليّين بتهمة عدم الحزن بشكل كاف على رحيل الزعيم كيم يونغ إيل"، أو خبر عن "اتّهام أحدهم طليقته بأنّها على علاقة بألفي رجل ليكسب حضانة أبنائه؛ وكان طبعًا يتحدث عن أصدقائها على موقع الـ"فايسبوك" للتواصل الاجتماعي...الخ.
الحدث جرى في إطار فعاليّات "المهرجان اللبناني للكتاب" الذي تنظّمه "الحركة الثقافية في انطلياس": أعيد إطلاق "المجلة القضائيّة" لـ"دار المنشورات الحقوقيّة - مطبعة صادر" تحت شعار "كلمة حق... تكتب"، وذلك في حفل أقيم على "مسرح الأخوين رحباني" في قاعات دير مار الياس في انطلياس، وزّع خلاله العدد صفر من المجلّة.
الحضور تقدّمه كل من ممثّل وزير الاعلام وليد الداعوق مستشاره اندريه قصّاص ووزير الداخلية العميد مروان شربل الضابط مجيد مسعد، ممثل وزير الخارجية عدنان منصور السفير زين الموسوي، النائب فؤاد السعد، ساسين ساسين ممثلاً النائب سامي الجميل، معن فيّاض ممثلاً النائب اسعد حردان، والوزير السابق الياس حنا، العقيد بشارة الخوري ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي، العميد اميل كنعان ممثلاً المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، مدير عام الجمارك شفيع مرعبي وعدد كبير من القضاة والحقوقيين والاعلاميّين.
قدّم الحفل الدكتور أنطوان سيف، وكانت كلمات لكل من الوزير والمحامي وليد الداعوق، ونقيب المحامين في بيروت نهاد جبر، ورئيس "مجلس القضاء الأعلى" السابق غالب غانم، ورئيس مجلس إدارة "دار صادر" النقيب جوزف صادر.
وفي المناسبة، شرح المحامي راني صادر بصفته المشرف على إعادة إطلاق المجلّة مراحل الاعداد لها، لافتًا إلى أنّها شهريّة لا فصليّة نظرًا لكثرة المواضيع التي يمكن بحثها، وتطرّق إلى المرحلة المقبلة على صعيد إنشاء موقع إلكتروني لها. فـ"المجلّة القضائيّة" لن يقتصر عالمها على الورق وهي ستطرق قريبًا باب "العالم الرقميّ"، حيث سيصبح بالإمكان تصفّحها على موقعها على شبكة الانترنت -وجديد استعمال الـ"Application" الخاص بها هو تحميل خاص على الهواتف النقّالة الذكيّة..
المجلّة تزدان بالصور الملوّنة والملفتة، وفي كل عدد منها نجد رأيًا لضيف (رأي الضيف) في إحدى نواحي القانون؛ وشخصيّة من عالم القانون و/أو السياسة (شخصيّة العدد) يُلقى عليها الضوء من النواحي الشخصيّة والعائليّة والاجتماعيّة بالاضافة إلى الجوانب العلميّة والثقافيّة.
إلى ذلك، هناك "ملف العدد" الذي ينقسم إلى ثلاثة أقسام تتضمّن: "تحقيق قضائي" يتناول موضوع الملف المطروح من وجهتي نظر المعنيّين فيه المتناقضة كما ومن وجهة نظر أصحاب الاختصاص؛ و"دراسة قانونيّة" عن هذا الموضوع؛ كما و"قضيّة حقيقيّة" طُرح فيها موضوع ملف العدد أمام القضاء وكيفيّة معالجته من قبل المحامين والقضاة.
ولكونها شهريّة، فلكل عدد "حدث الشهر" حيث يتم طرح أبرز ملف أو ملفات أثارت الجدل واستُغرقت فيها النقاشات كموضوع "مجلس شورى الدولة وتصحيح الأجور" الذي تمّ بحثه مع رئيس مجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر.
وبهدف تقريب المواطنين من القانون وتسهيل الولوج الى عالمه، كانت ايضا فقرة "دليل المواطن" والمتوقع أن تشهد أكبر نسبة "تصفّح".
أما طرائف العدليّة فهي "من وين ما كان".. حيث سنتمكن من الإطلاع على غرائب الأحكام؛ كما في كوريا الشماليّة حيث حوكم من لم "يحزن بشكل كاف" على رحيل الزعيم كيم يونغ إيل؛ أو كمن "خرج من السجن بملابس داخليّة"...
و"التسلية" لا تقف عند الطرائف إنّما سيضاف إليها أيضًا فقرات "كاريكاتور وأجندة" و"سياحة وسفر" و"إجتماعيّات".
وكما أسلفنا، ولأنّ للعدليّة أخبارها، لم تغفل المجلّة التطرّق إلى "أخبار العدليّة" وإضافة "ملخّص الشهر" والحديث عن مختلف الـ"مؤتمرات".
وأفردت لموضوع العصر –التكنولوجيا- ولنواحيه القانونيّة المختلفة فقرة خاصة بعنوان "قانون المعلوماتيّة".
وعن القانون وتطبيقه، عناية بآخر الـ"إصدارات" في المجال الحقوقي وأبرز "الـقرارات القضائيّة" وأهم "قوانين لبنان".
وبما أننا بحاجة دائمة إلى التحصيل العلمي.. وقد "غابت عنا بالتأكيد أشياء"، لحظت المجلة دورات "تدريب" يؤمنها أهل الاختصاص وأصحاب الباع الطويل في هذا الجانب أو ذاك من جوانب المعرفة القانونية القضائية (نتحدث عن فقرة "تدريب"(.
أخيرًا وليس آخرًا، لم تنس "المجلّة القضائيّة" أداء التحيّة لصانعي تاريخ عالم القانون في لبنان والمنطقة ولذلك أفردت لهم فقرة "كبارنا بين الأمس واليوم" ولأنّ يوسف ابراهيم صادر كان أوّل من ابتدع في منطقتنا عام ١٩٢١المجلّة التي بين أيدينا فكان من الطبيعي أن توجِّه له المجلة أوّل تحيّة.
نختم. أردناها لمحة مبعثرة عن فقرات احتواها فهرست "المجلّة القضائيّة".. تجربة جريئة وفريدة وغير مسبوقة في لبنان والعالم العربي. وتبقى تجربة توزيعها فتلقفها من جمهور القرّاء معيار نجاح التحدّي الذي أخذه على عاتقه المحامي راني صادر... هذا التحدّي الذي يُكرم المرء عنده وتُكتب كلمة حق عن حق فيه.
